التخطي إلى المحتوى



هذا الموضوع تحت عنوان بعد التعليم والمالية.. هل تلجأ الحكومة لتسقيف الولوج للوظيفية العمومية؟:

يتواصل الجدل حول قرار الحكومة تسقيف سن الولوج لاجتياز المباريات في عدد من القطاعات والإدارات العمومية في 30 سنة، وسط مخاوف من تعميم هذا الشرط للولوج للوظيفة العمومية بعد اتخاذهما في قطاعي التعليم والمالية.

وأثار شرط تحديد السن في 30 سنة جدلا واسعا وفجر احتجاجات لحظة اتخاذه بسبب “حرمانه” للآلاف من خريجي الجامعات من اجتياز المباراة، ما جدد مطالب إلغائه، حيث اعتبر عدد من البرلمانيين والنقابيين أن التسقيف لا يتجاوب مع المبادئ الدستورية والمنظومة القانونية كما يتعارض مع سياسة الدولة في الرفع من جودة التعليم.

خيار حكومي

أكد النائب البرلماني، العياشي الفرفار، عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، أن “نظام الوظيفة العمومية يحدد السن بشكل عام، لكن هناك بعض القطاعات التي تتمتع، وفق تعبيره، بخصوصية معينة وتحدد بموجبها الشروط والمواصفات المطلوبة”.

وأوضح الفرفار، في تصريح لجريدة العمق”، أن “الحكومة تتوفر على خيارين، الأول هو اعتبار الوظيفة العمومية قطاعا اجتماعيا لامتصاص الأزمة ومواجهة نسب البطالة المرتفعة، وآلية لتقديم حلول لبعض الفئات التي تجاوزت سن التوظيف ومنح الفرصة لمن فقد الأمل في التوظيف في الوظيفية العمومية والتعامل معهم كحالات إنسانية تستدعي إيجاد حلول على حساب الوظيفية العمومية، وفي هذه الحالة، يضيف المتحدث ذاته، فلا بأس الوصول حتى إلى 55 سنة”.

أما الخيار الثاني، حسب الفرفار العياشي، هو “اعتبار أن الوظيفة العمومية بكافة قطاعاتها ينبغي أن تخضع لمنطق الكفاءة والنجاعة التدبيرية وربط التوظيف بالنتائج والانخراط في مسلسل الكفاءة وهو الأمر الذي يستلزم البحث عن بروفايلات معينة”، على حد قوله.

أكد الفرفار العياشي “عدم وجود قرار مثالي”، ولكن أي قرار يتخذ يجب أن يجيب، وفق تعبيره، عن سؤال “ماذا ننتظر من الإدارة ؟”، مشيرا إلى أن تدبير الشأن العام والسياسات العمومية يقتضي التحلي بالواقعية والصرامة.

واشار النائب البرلماني إلى أن الإشكاليات التي تواجه صناديق التقاعد يقتضي، وفق تعبيره، اعتماد مقاربة تنبني على الصرامة والنجاعة والحكامة ما يستدعي تقليص سن التوظيف لإنعاش صناديق التقاعد، كحل من الحلول لتدبير هذه الأزمة، مع اعتماد منطق النجاعة التدبيرية وكفاءة الإدارة والتنافسية”.

اعتبارات مالية

من جهته، أوضح عبد الحفيظ أدمينو، أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس، أن “قانون الوظيفية العمومية يحدد شرط اجتياز المباريات والولوج للوظيفية العمومية ما بين الأدنى والأقصى دون أن يحدد سنا معينة وذلك بين 18 و45 سنة كحد أقصى بقرار استثنائي من رئيس الحكومة”، وباستثناء ذلك يبقى للإدارة الحق، وفق تعبيره، في تقدير السن المناسب للولوج للوظيفية العمومية.

وأشار أدمينو، في تصريح لجريدة “العمق”، إلى أن الحكومة لها اعتبارات متعددة في تحديد سن 30 سنة اجتياز المباريات، مرتبطة خاصة باعتبارات موازناتية حسابية متعلقة أساسا، وفق تعبيره، بأنظمة التقاعد والتعاضد.

وأكد المتحدث ذاته أن الاعتبارات المالية بالأساس كانت وراء توجه الحكومة لتحديد متوسط عمري لـ30 سنة في الولوج لقطاع التعليم مثلا، مضيفا أن الإدارة المغربية لم تخرق أي مقتضى لأن قانون الوظيفية العمومية لا يلزمها بأي سن محددة.

قرار سياسي

اعتبر أدمينو أن تحديد الحكومة لسن 30 سنة كشرط لولوج الوظيفية العمومية هو قرار سياسي بالأساس، مؤكدا أنها من الناحية القانونية تملك هذه السلطة، وأن تقديرها السياسي يخضع، وفق تعبيره، للملائمة السياسية لكل حكومة، مشددا على عدم وجود أي إشكال قانوني في تحديد الحكومة لسن 30 سنة للولوج للوظيفية العمومية.

وأبرز أستاذ القانون العام أنه من الاعتبارات التي تعتمدها الحكومة في هذا القرار هو أن بعض المهن تطرح فيها إشكالية التوظيف فوق 30 سنة خاصة فيما يتعلق بالقدرة البدنية، لأن التعليم مثلا يتطلب، وفق تعبيره، مجهودا كبيرا، مؤكدا أن جميع هذه الاعتبارات تخضع للقرار السياسي وليس للجانب القانوني.

ودافع رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، في أكثر من خرجة على تسقيف سن الولوج لمهنة التعليم في 30 سنة، معتبرا أن سن المُدرّس لا يجب أن يتعدى 30 سنة، في بداية مشواره المهني، حتى يتسنى له إدراك حاجات التلاميذ باختلاف أعمارهم، وفهم طبيعة مشاكلهم، حيث اعتبر رئيس الحكومة، أن الاستراتيجية التي جاء بها وزير التربية الوطنية والتعليم الأولى والرياضة، شكيب بنموسى، بمثابة إصلاح شامل يكتسي أهمية كبرى بهدف الرقي بالمدرسة العمومية.

ومن جهته، أوضح الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، حينها أن هذا القرار “سليم من الناحية القانونية”، مشيرا إلى أنه من الطبيعي أن يُحدث موضوع تسقيف الولوج إلى التعليم نقاشا مجتمعيا.

وأضاف بايتاس، أن “هناك أصواتا تعتبر الموضوع غير قانوني، في حين هناك أصوات أخرى تعتبر أن الاستثمار في الأساتذة في سن 30 سنة مريح وله نتائج إيجابية ومفيد للتربية أكثر من الاستثمار في حاجيات أخرى”.

كما يواصل وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، تشبثه بتسقيف توظيف أطر التدريس، في 30 سنة، من أجل جذب المترشحات والمترشحين الشباب نحو مهن التدريس.

واقتضت الإجراءات الجديدة، يضيف بنموسى، تحديد السن الأقصى لاجتياز المباريات في 30 سنة، بهدف جذب المترشحات والمترشحين الشباب نحو مهن التدريس، والاستثمار الأنجع في التكوين وفي المسارات المهنية، مشيرا إلى أن الشروط التي تم اعتمادها في تنظيم مباراة ولوج المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين لتوظيف أطر التدريس، تندرج في صلب سياسة الارتقاء بالمنظومة التعليمية التي أكد عليها القانون الإطار 17-51، والنموذج التنموي الجديد والبرنامج الحكومي.

كما قررت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح تسقيف سن المترشحين من غير الموظفين في 30 سنة على الأكثر في تاريخ إجراء مباراة لمفتشي المالية، حيث يحيل هذا القرار على إجراء مشابه اتخذه وزير التربية الوطنية شكيب بنموسى، في 2022، ويقضي بتسقيف سن ولوج مهنة التدريس في 30 سنة.

ونص القرار على فتح مباراة توظيف متفشي المالية، في وجه المترشحين من غير الموظفين البالغين من العمر 30 سنة على الأكثر في تاريخ إجراء المباراة من بين الحاصلين على شهادة الماستر أو شهادة الماستر المتخصص أو دبلوم الدراسات العليا المعمقة أو دبلوم الدراسات العليا المتخصصة في التخصصات القانونية أو الاقتصادية أو التدبيرية أو الاجتماعية أو إحدى الشهادات أو الدبلومات المحددة طبقا للنصوص التنظيمية الجاري بها العمل.

كان هذا موضوع حول “بعد التعليم والمالية.. هل تلجأ الحكومة لتسقيف الولوج للوظيفية العمومية؟”



عن موقع العمق

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *