هذا الموضوع تحت عنوان ضعف حضور القضية الوطنية بمناهج التعليم يفتح باب الترويج لرواية الخصوم – العمق المغربي:
قال الباحث في قضايا التربة والتكوين والسياسات التعليمية، سعيد اخيطوش، إن المتعلم المغربي، لا يستفيد من أي تنشئة، مدرسية بالخصوص، تساعده على معرفة مشكل الصحراء المغربية من مصادر تربوية رسمية بهدف تشكيل المناعة الفكرية المرغوبة تجاه ما يروج إعلاميا أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدا أن التعرف على جغرافيا وتاريخ منطقة الصحراء المغربية، يمكن كل متعلم مغربي من وسائل الدفاع عن انتماء هذا الجزء من الوطن لهويته التي لن يتوانى في التضحية من أجلها.
وأوضح أخيطوش في مقال خص به جريدة “العمق” أن ذلك يحصل في الوقت الذي يجد فيه المتتبع للشأن التربوي في كل بقاع العالم، بأن تربية المتعلمين والمتعلمات على الاعتزاز بأوطانهم وتنشئتهم على الاستماتة في الدفاع عن هوياتهم الوطنية والتاريخية، بشكل يعكس التنوعات الثقافية المشتركة لمختلف مكونات شعوبهم، بهدف تعزيز التشبث بكل شبر من بقاع أراضي دولهم وأوطانهم لتحقيق الاستقرار.
ذاكرة جماعية
ولفت الخبير التربوي، إلى أهمية تشكيل ذاكرة جماعية ووعي جمعي بأهمية هذا الوطن وأهمية الدفاع عنه باعتباره وحدة كاملة وغير قابلة للتجزيء، إضافة إلى محاولة التأثير في المسلسل الديبلوماسي الذي أصبح يحقق نتائج مبهرة خصوصا خلال السنوات الخمس الأخيرة، منهبا في المقابل إلى أن صانعة الكيان الوهمي (البوليساريو)، لا تدخر الجهد ولا المال الوفير لنشر المغالطات والتأثير في مسار المغرب للنهوض بتنمية كل أراضيه،
وسجل المتحدث ذاته، أن هذا يحدث مع وجود “عدو شرس”، يستثمر في ضرب مغربية الصحراء، لاسيما أن مجرد البحث ضمن محركات البحث المعروفة على شبكة الأنترنيت عن عبارة “الصحراء المغربية” أو عن “دراسات خاصة بالصحراء المغربية” سيجعلنا نقف وبشكل جلي على حجم الاستثمارات التي خصصها العدو لضرب القضية الوطنية الأولى للمغاربة.
وأشار إلى أنه بالإضافة إلى إدماج النزاع المفتعل من قبل دولة الجزائر وكيانها الوهمي ضمن المقرر الدراسي للمتعلمين هناك، وأيضا ضمن نصوص الامتحانات الإشهادية لدى دولة الجزائر، نجد هذه الأخيرة تمول العديد من الدراسات التي تسير وفق أكاذيبها، وتسخر مناديب ووفود لحضور التظاهرات والملتقيات للدفاع عن كيان وهمي صنعته للنيل من المملكة المغربية.
في مقابل ذلك، سجل الخبير التربوي، غياب تنشئة مدرسية معرّفة بالقضية وقادرة على تقديم الأطروحة الصحيحة والرسمية للمتعلم المغربي الذي تتقاذفه الدراسات والمقالات المنشورة على الشبكة العنكبوتية، لافتا إلى أنه خلال مراجعة المنهاج الأخير، نجد بأن هذه المراجعة كان من منطلق السعي لتلاؤم أكبر للمنهاج مع متطلبات إعداد المتعلمين والمتعلمات للانخراط في مجتمع المعرفة والتواصل، وتعزيز تفاعلهم مع القيم والمعارف التي يقتضيها التعليم العصري العادل ذو الجودة والنافع، وتنمية قدراتهم وكفاياتهم الذاتية، وصقل مهاراتهم.
وأكد اخيطوش، تركيز المنهاج على تفعيل الذكاء والحس النقدي وتفتح ملكات الإبداع والابتكار لديهم، وتشجيعهم على التشبع بقواعد العيش المشترك، ثم الالتزام بقيم الكرامة والحرية والمساواة، واحترام التنوع والاختلاف، دون الإشارة الصريحة لتمكين المتعلم من المعرفة التاريخية الصحيحة حول الصحراء المغربية وتنمية قدرته على الدفاع عن مغربية الصحراء، لأن حجم التحديات في هذا الباب كبير واستثمار العدو في نشر المغالطات كبير أيضا.
واستطرد المتحدث قائلا: “وهو نفس الشيء الذي يتم تأكيده من خلال الاطلاع على الاختيارات والتوجهات الاستراتيجية التي بني عليها المنهاج والتي نجدها ذاكرة للوحدة الوطنية في مقابل غياب الإشارة للوحدة الترابية للمملكة المغربية رغم كون المفهومين يختلفان اختلافا كبيرا، مضيفا ” وهو ما سيواجهنا أيضا عند الاطلاع عن غايات النظام التربوي المدونة في وثيقة المنهاج والتي تشير إلى تنشئة المتعلمين والمتعلمات على الثوابت الوطنية المتمثلة في الدين الإسلامي السمح، والوحدة الوطنية متعددة الروافد… وغياب الإشارة من قريب أو بعيد للوحدة الترابية وقيمتها في رسم الوطن في ذاكرة المتعلم المغربي”.
الرواية الصحيحة
وسجل الإطار، في وزارة التربية الوطنية، ضعف الحضور وغياب الرواية الصحيحة والرسمية ضمن المحتوى المدرسي، وقال إنه “للخوض في هذا الجانب لابد من التذكير بأهمية المحتوى المدرسي في تنشئة المتعلمين والمتعلمات من خلال ترويج معجم دقيق والتعامل مع نصوص تروج لأطروحات محددة بأنواع مختارة بعناية من الخطابات”. وأوضح أن أصحاب نظرية المحتوى المدرسي المعروفة في علوم التدريس والتربية وبناء المناهج الدراسية، “ينطلقون من ضرورة توفر كل من البنية المعرفية المادية والبنية الطرائقية لدمج المحتويات مدرسيا ضمن المنهاج، وهما البنيتان المتوفرتان في حالة قضية الصحراء المغربية، فالمعرفة موجودة ومثبتة تاريخيا أما الطريقة فالمدرسة المغربية راكمت من التجربة ما يجعلها قادرة على إيجاد طريقة تعليمية مناسبة لتحقيق هذا الدمجّ.
وقدم المفتش التربوي معطيات تفيد بأن المتعلم يتطرق لما يفوق 126 نصا قرائيا في مسيرته الدراسية خلال مرحلة التعليم الابتدائي، لكن النصوص التي تقارب قضية الوحدة الترابية بمعرفة صريحة وتقدم الأطروحة الرسمية الصحيحة حول النزاع المفتعل، ” غائبة تماما باستثناء نص وحيد في نهاية هذه المرحلة في كتاب من كتب المستوى السادس”.
وأكد أخيطوش من خلال العودة لمحتويات مادة الاجتماعيات، يضيف المتحدث، باعتبارها مادة تدريس التاريخ والجغرافيا وتربية المتعلم على قيم المواطنة، فنجد أن درسا واحدا من أصل 108 دروس تقدم خلال المرحلة الابتدائية هو الذي يقارب القضية، مشددا على أنه “أمام غياب دروس مباشرة تقدم المعلومة الرسمية الصحيحة للمتعلم والمتعلمة المغربيين، سيصبح كل ما يروج على صفحات الأنترنيت وخصوصا مجموعة من الأكاذيب المنشورة بتمويل جزائري، هو المصدر الوحيد للمعلومة بالنسبة لأبناء المغاربة من جهة، ومن جهة أخرى قد نواجه مستقبلا مشكلة وصعوبة في تمكن الأجيال الحالية من المتعلمين والمتعلمات حتى من معرفة جغرافيا المنطقة وموقع بعض المناطق المشهورة داخل الصحراء المغربية.
وحذر من هذا الغياب، قد يؤدي إلى أن يتمثل المغربي في وقت لاحق وجود مدينة السمارة المغربية داخل التراب الموريتاني، في حال استمرار تجاهل إدماج قضية الصحراء في المحتويات الدراسية، أو انتماء منطقة أمكالا لتراب دولة مالي. ففلسفة الوثيقة المنهاجية المغربية تقتضي مراجعة آنية من منطلق تحصين المعرفة الوطنية للقضايا ذات الأولوية لدى الشعب المغربي وفي مقدمتها قضية الصحراء المغربية بالإضافة طبعا للمنطلقات المدرجة في هذه الوثيقة.
كان هذا موضوع حول “ضعف حضور القضية الوطنية بمناهج التعليم يفتح باب الترويج لرواية الخصوم – العمق المغربي”
عن موقع العمق
التعليقات