التخطي إلى المحتوى



هذا الموضوع تحت عنوان مأزق المعارضة البرلمانية بالمغرب – العمق المغربي:

(انقر هنا لاغلاق الاعلان) Close ×

هذا المقال ينطلق من سؤال بسيط: هل كان دستور 2011 مُقصِّرًا في حق المعارضة البرلمانية؟ وهل دستورنا لم يوفر الضمانات الكافية حتى تكون معارضتنا البرلمانية في وضعية مريحة للقيام بأدوارها السياسية والدستورية؟

للإجابة على هذه الأسئلة، سيتم التركيز على زاويتين للنظر:

أولاً: المدخل الدستوري والقانوني للمعارضة

هناك شبه إجماع على أن المدخل الدستوري لوضعية المعارضة البرلمانية جد متقدم بالمقارنة مع التجارب الدستورية السابقة، إذ منح المشرع الدستوري المغربي من خلال دستور 2011 للمعارضة البرلمانية حقوقًا تُمكنها من المساهمة الفعلية في العمل البرلماني وإرساء ضمانات للدفاع عن الحقوق الأساسية التي يكفلها الدستور. ويتم ذلك عن طريق مشاركتها الفعلية في وضع القوانين وكذا تفعيل دورها الرقابي على أعمال الحكومة، بالإضافة إلى التنصيص على ضمان تمثيل مناسب على مستوى أجهزة غرفتي البرلمان. كما تحظى المعارضة بإمكانية تحريك الرقابة الدستورية على مشاريع القوانين التي تبادر بها السلطة، عن طريق إخطار المحكمة الدستورية.

ثانيًا: واقع المعارضة البرلمانية خلال هذه الولاية التشريعية

يبدو أن المعارضة البرلمانية لم تستطع مواكبة التوجه الدستوري الجديد، وفي الوقت نفسه لم تتمكن من مجاراة الفعل الحكومي في ارتباطه بالزمن الاستراتيجي للمغرب. فقد أبانت ممارسة المعارضة البرلمانية عن ضعف كبير في خلق بدائل حقيقية للتفاعل مع المبادرات والبرامج الحكومية، بما يُمكِّن من خدمة الديمقراطية الوطنية.

تتجلى السمات الحقيقية لهذا الضعف البنيوي للمعارضة من خلال آلية الجلسة الشهرية لمساءلة رئيس الحكومة. فإذا كان رئيس الحكومة يقدم أجوبة حقيقية بمنطق عقلاني يحترم المسؤولية السياسية والالتزام الأخلاقي والوطني المتعاقد بشأنه مع المغاربة، فإن المعارضة بالمقابل لم تستطع مواكبة هذا التحول المنهجي في الخطاب وفي ممارسة السياسة.

واقع الحال أظهر حالة موت سريري آلت إليها المعارضة البرلمانية، ولم تستطع التخلص من مقومات التواصل المبني على خطاب الشعبوية القاتلة الموروثة إبان العشرية السوداء لتدبير الإخوان. وقد أثر ذلك سلبًا على بناء الثقة داخل الفضاء العمومي.

لذلك، فإن أول نجاح يُحسب لرئيس الحكومة عزيز أخنوش خلال هذه المرحلة هو القطع مع الخطابات السياسوية الخارجة عن منطق الدستور والالتزامات تجاه المواطنات والمواطنين، في الوقت الذي شكلت فيه كل الجلسات الشهرية موعدًا سياسيًا لتكريس التواصل العقلاني مع المؤسسة البرلمانية ضمن منظومة التعاون والتوازن بين السلطتين.

النجاح الثاني الذي أبان عنه رئيس الحكومة هو احترام منهجية التواصل مع الرأي العام. وقد تميزت هذه المنهجية بحضور قوي للمعطيات والأرقام التي يستحضر من خلالها رئيس الحكومة مبادئ الشفافية والنزاهة الفكرية ومبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.

فالعديد من الباحثين والممارسين للشأن البرلماني يسجلون عدم انجرار رئيس الحكومة خلال كل الجلسات الشهرية وراء خطاب السجال السياسي الذي تسعى بعض المجموعات البرلمانية إلى جر مؤسسة رئاسة الحكومة إليه. كما يُثنى على تركيز رئيس الحكومة الدائم على المواضيع المنبثقة أساسًا من الالتزامات المتضمنة في البرنامج الحكومي، وإطلاع الرأي العام على مستويات تقدم المنجز الحكومي، كما وقع خلال آخر جلسة للمساءلة الشهرية المتعلقة بالبنيات التحتية الوطنية.

المعارضة التي تريد أن تكون بديلًا سياسيًا للمرحلة الحالية تفتقد الآن للشرعية وللمصداقية الكافية لتكون البديل المنتظر. لذلك، نعتبر أن المغرب أمام مسارين مختلفين: مسار يؤسس له رئيس الحكومة عزيز أخنوش، ويريد من خلاله التأصيل بأدوات جديدة للتواصل المؤسساتي المبني على المعطيات والبرامج والأرقام، ومسار آخر تعيش فيه المعارضة أزمة بنيوية في الخطاب والممارسة، بما يؤثر بشكل واضح على صيرورة البناء المؤسسي الذي يريده المغاربة ويُعزز من الوضعية الاعتبارية لموقع المؤسسة البرلمانية.

في المجمل، وحسب العديد من المتتبعين، هناك حالة من الشرود السياسي لوضعية المعارضة، خصوصًا المعارضة الإخوانية، وتحللها من كل واجب أخلاقي تجاه الواقع والممارسة والتاريخ والانتقال الديمقراطي للمملكة. بل إن المراهنة على الصراخ والعويل في كل جلسات رئيس الحكومة أبانت عن صبيانية كبيرة تدعو إلى الشفقة من البعض الذي يعتبر نفسه وصيًا على المغاربة، وإن كان يعلم يقينًا بجواب المغاربة الذين قالوا كلمتهم في الاستحقاقات الانتخابية منذ شتنبر 2021.

كان هذا موضوع حول “مأزق المعارضة البرلمانية بالمغرب – العمق المغربي”



عن موقع العمق

(انقر هنا لاغلاق الاعلان) Close ×
هذا المقال ينطلق من سؤال بسيط: هل كان دستور 2011 مُقصِّرًا في حق المعارضة البرلمانية؟ وهل دستورنا لم يوفر الضمانات الكافية حتى تكون معارضتنا البرلمانية في وضعية مريحة للقيام بأدوارها السياسية والدستورية؟ للإجابة على هذه الأسئلة، سيتم التركيز على زاويتين للنظر: أولاً: المدخل الدستوري والقانوني للمعارضة هناك شبه إجماع على أن المدخل الدستوري لوضعية المعارضة البرلمانية جد متقدم بالمقارنة مع التجارب الدستورية السابقة، إذ منح المشرع الدستوري المغربي من خلال دستور 2011 للمعارضة البرلمانية حقوقًا تُمكنها من المساهمة الفعلية في العمل البرلماني وإرساء ضمانات للدفاع عن الحقوق الأساسية التي يكفلها الدستور. ويتم ذلك عن طريق مشاركتها الفعلية في وضع القوانين وكذا تفعيل دورها الرقابي على أعمال الحكومة، بالإضافة إلى التنصيص على ضمان تمثيل مناسب على مستوى أجهزة غرفتي البرلمان. كما تحظى المعارضة بإمكانية تحريك الرقابة الدستورية على مشاريع القوانين التي تبادر بها السلطة، عن طريق إخطار المحكمة الدستورية. ثانيًا: واقع المعارضة البرلمانية خلال هذه الولاية التشريعية يبدو أن المعارضة البرلمانية لم تستطع مواكبة التوجه الدستوري الجديد، وفي الوقت نفسه لم تتمكن من مجاراة الفعل الحكومي في ارتباطه بالزمن الاستراتيجي للمغرب. فقد أبانت ممارسة المعارضة البرلمانية عن ضعف كبير في خلق بدائل حقيقية للتفاعل مع المبادرات والبرامج الحكومية، بما يُمكِّن من خدمة الديمقراطية الوطنية. تتجلى السمات الحقيقية لهذا الضعف البنيوي للمعارضة من خلال آلية الجلسة الشهرية لمساءلة رئيس الحكومة. فإذا كان رئيس الحكومة يقدم أجوبة حقيقية بمنطق عقلاني يحترم المسؤولية السياسية والالتزام الأخلاقي والوطني المتعاقد بشأنه مع المغاربة، فإن المعارضة بالمقابل لم تستطع مواكبة هذا التحول المنهجي في الخطاب وفي ممارسة السياسة. واقع الحال أظهر حالة موت سريري آلت إليها المعارضة البرلمانية، ولم تستطع التخلص من مقومات التواصل المبني على خطاب الشعبوية القاتلة الموروثة إبان العشرية السوداء لتدبير الإخوان. وقد أثر ذلك سلبًا على بناء الثقة داخل الفضاء العمومي. لذلك، فإن أول نجاح يُحسب لرئيس الحكومة عزيز أخنوش خلال هذه المرحلة هو القطع مع الخطابات السياسوية الخارجة عن منطق الدستور والالتزامات تجاه المواطنات والمواطنين، في الوقت الذي شكلت فيه كل الجلسات الشهرية موعدًا سياسيًا لتكريس التواصل العقلاني مع المؤسسة البرلمانية ضمن منظومة التعاون والتوازن بين السلطتين. النجاح الثاني الذي أبان عنه رئيس الحكومة هو احترام منهجية التواصل مع الرأي العام. وقد تميزت هذه المنهجية بحضور قوي للمعطيات والأرقام التي يستحضر من خلالها رئيس الحكومة مبادئ الشفافية والنزاهة الفكرية ومبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة. فالعديد من الباحثين والممارسين للشأن البرلماني يسجلون عدم انجرار رئيس الحكومة خلال كل الجلسات الشهرية وراء خطاب السجال السياسي الذي تسعى بعض المجموعات البرلمانية إلى جر مؤسسة رئاسة الحكومة إليه. كما يُثنى على تركيز رئيس الحكومة الدائم على المواضيع المنبثقة أساسًا من الالتزامات المتضمنة في البرنامج الحكومي، وإطلاع الرأي العام على مستويات تقدم المنجز الحكومي، كما وقع خلال آخر جلسة للمساءلة الشهرية المتعلقة بالبنيات التحتية الوطنية. المعارضة التي تريد أن تكون بديلًا سياسيًا للمرحلة الحالية تفتقد الآن للشرعية وللمصداقية الكافية لتكون البديل المنتظر. لذلك، نعتبر أن المغرب أمام مسارين مختلفين: مسار يؤسس له رئيس الحكومة عزيز أخنوش، ويريد من خلاله التأصيل بأدوات جديدة للتواصل المؤسساتي المبني على المعطيات والبرامج والأرقام، ومسار آخر تعيش فيه المعارضة أزمة بنيوية في الخطاب والممارسة، بما يؤثر بشكل واضح على صيرورة البناء المؤسسي الذي يريده المغاربة ويُعزز من الوضعية الاعتبارية لموقع المؤسسة البرلمانية. في المجمل، وحسب العديد من المتتبعين، هناك حالة من الشرود السياسي لوضعية المعارضة، خصوصًا المعارضة الإخوانية، وتحللها من كل واجب أخلاقي تجاه الواقع والممارسة والتاريخ والانتقال الديمقراطي للمملكة. بل إن المراهنة على الصراخ والعويل في كل جلسات رئيس الحكومة أبانت عن صبيانية كبيرة تدعو إلى الشفقة من البعض الذي يعتبر نفسه وصيًا على المغاربة، وإن كان يعلم يقينًا بجواب المغاربة الذين قالوا كلمتهم في الاستحقاقات الانتخابية منذ شتنبر 2021.
", "datePublished": "2024-12-30 12:12:00", "dateModified": "2024-12-30 12:12:00", "author": { "@type": "Person", "name": "bestcours" }, "publisher": { "@type": "Organization", "name": "tv.bestcours", "logo": { "@type": "ImageObject", "url": "https://tv.bestcours.net/wp-content/uploads/2022/09/logo-tv-bestcours.png" } }, "mainEntityOfPage": { "@type": "WebPage", "@id": "https://tv.bestcours.net/category/%d8%a7%d9%84%d9%88%d8%b8%d9%8a%d9%81%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%85%d9%88%d9%85%d9%8a%d8%a9/" }, "description": "[short_description]", "keywords": "" }

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *