هذا الموضوع تحت عنوان مراجعة المدونة.. باحثون ينبهون لتحولات المجتمع وينادون بمراعاة مصلحة الأسرة:
أوصى باحثون حقوقيون، بضرورة مراعاة التغيرات التي طرأت على المجتمع المغربي خلال صياغة التعديلات على مدونة الأسرة، بشكل يحقق التوازن بين مبادئ حقوق الإنسان وقيم المجتمع المغربي، المبنية على قواعد الدين الإسلامي ، مشددين على أهمية التوعية السليمة بالقوانين المعدلة لتفادي المغالطات وسوء الفهم، مؤكدين على ضرورة مراعاة مصلحة الأسرة ككل، وليس فقط حقوق المرأة أو الرجل، علاوة على أهمية تفعيل الآليات العلمية مثل التحليل الجيني (DNA) لإثبات النسب، بهدف التخفيف من حالات النزوع نحو التشرد والإجرام.
وضمن ندوة علمية نظمها المركز المغربي لحقوق الإنسان، يوم الأحد الماضي، 26 يناير 2025 بمدينة أخفنير إقليم طرفاية، الدكتور توفيق البرديجي، استعرض التغيرات الاجتماعية التي عرفها المجتمع المغربي، مؤكدًا ضرورة أخذ هذه التحولات بعين الاعتبار خلال مراجعة مدونة الأسرة.
وأوضح البرديجي أن عدد الأسر المغربية ارتفع بنسبة 26% منذ بداية الألفية الثالثة، كما أن نسبة الطلاق وصلت إلى مستويات قياسية، مما أدى إلى ارتفاع نسبة الأبناء الذين يعيشون تحت مسؤولية أمهاتهم فقط، ليبلغوا 21%، وهي نسبة اعتبرها كبيرة ومثيرة للقلق، مشيرا أن هذه الأرقام العديد من الإشكاليات، ذات الصلة بحقوق الأبناء وبالبعدين الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع المغربي.
من جانبه، أكد الدكتور مولاي بوبكر حمداني على الدور المحوري للتوجيهات الملكية في توجه عملية الإصلاح وفق مقاربة تشاركية تستجيب لمتطلبات المجتمع المغربي وتحدياته، مشيرًا إلى أن خطب العرش لسنة 2022 وخطاب ذكرى ثورة الملك والشعب لعام 2023 شددت على ضرورة مراجعة المدونة بشكل يحقق الإنصاف والتوازن، مع الحفاظ الثوابت الدينية والاجتماعية.
وأوضح الحمداني، في مداخلته حول موضوع: “مراجعة مدونة الأسرة لسنة 2024 : من التأطير الملكي إلى تكاملية تشريعية بين الحقوق والقيم”، أن الإصلاح المرتقب يأتي بعد مسار تطوري بدأ منذ مدونة 1957-1958، وصولًا إلى الإصلاح الشامل لعام 2004 الذي عزز مكانة المرأة والأسرة. كما شدد على ضرورة إشراك مختلف الفاعلين في النقاش حول المدونة، مبرزًا أن الحوار العمومي ساهم في إثراء النقاش رغم التباينات بين التيارات المحافظة والحداثية.
وفي سياق متصل، أشار الدكتور عبد الإله الخضري، إلى التحديات البنيوية التي تواجه الأسرة المغربية، مؤكدًا أن التحولات الاجتماعية والاقتصادية خلال العقدين الأخيرين زادت من منسوب النزاعات الأسرية وارتفاع حالات الطلاق.
وأوضح الخضري، أن مدونة الأسرة تتحمل أعباء تشريعية ناجمة عن اختلالات في منظومات قانونية أخرى، مثل مدونة الشغل والقوانين العقارية والقوانين المؤطرة للحق في التعليم والصحة، مشيرا أشار إلى محورية نظام الوساطة في مدونة الأسرة لما له من دور في توسيع دائرة الفرص للحفاظ على الأسر ، كما أكد على أهمية الاستعانة بالخمض النووي (DNA) في إثبات النسب، وهو مقترح يواجه تحفظات من المجلس العلمي الأعلى.
ودعا الباحثون ضمن ذات الندوة، إلى تجنب المغالطات التي تنشر حول تفسير بعض بنود التعديلات التي تهم مدونة الأسرة، وذلك من خلال التوعية السليمة بالمستجدات القانونية المرتقبة، تفاديا لسوء الفهم أو التلاعب بحقوق أحد أطراف الأسرة، مشددين على ضرورة التوازن بين المقتضيات القانونية وقيم المجتمع المغربي، من أجل تحقيق الحماية الفضلى للأسرة باعتبارها نواة المجتمع، وضمان حقها في الاستقرار والتوازن والأمان.
كما دعوا إلى ضرورة اشتغال المشرع المغربي على المنظومة التشريعية بمقاربة النسق المؤسساتي والتشريعي، بما يحقق وحدة الأهداف ويقلل من الثغرات، بدل الاشتغال خلف الحواجز المؤسساتية والتشريعية، مما يؤدي إلى تسرب الحقوق وهدرها، وبالتالي الرفع من منسوب النزاعات وحالة الضغط داخل المجتمع، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى خلق رجات اجتماعية خطيرة.
كان هذا موضوع حول “مراجعة المدونة.. باحثون ينبهون لتحولات المجتمع وينادون بمراعاة مصلحة الأسرة”
عن موقع العمق
التعليقات