هذا الموضوع تحت عنوان بنموسى.. “أخطاء قاتلة” تعكر مسيرة المندوب الجديد للتخطيط – العمق المغربي:
خط شكيب بنموسى، قبل أيام، سطرا جديدا في لائحة المناصب الحكومية والمؤسساتية والدبلوماسية، التي راكمها خلال مسيرته المهنية، بالإضافة إلى جملة من المناصب في القطاع الخاص، وتميز مسار الرجل في القطاع العام بثلاثة قرارات وأخطاء “قاتلة”، على الأقل، جرت عليه انتقادات لاذعة.
وعين الملك محمد السادس شكيب بنموسى مندوبا ساميا للتخطيط، خلال استقباله بالقصر الملكي بالرباط يوم الجمعة الماضي، ليخلف أحمد لحليمي الذي استقبله الملك هو الآخر ووشحه بالحمالة الكبرى لوسام العرش، بحسب ما أفاد بلاغ للديوان الملكي.
شهادات ومناصب
بنموسى، الذي رأى النور سنة 1954 بفاس، تخرج مهندسا من مدرسة “البوليتيكنيك” في باريس سنة 1979، كما حصل على شهادة من المدرسة الوطنية للقناطر والطرق بفرنسا سنة 1981، وشهادة الماستر في العلوم سنة 1983 من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بجامعة كامبريدج الأمريكية، ودبلوم الدراسات العليا في تدبير المشاريع من معهد إدارة المقاولات سنة 1986.
وبدأ بنموسى مساره باحثا مساعدا بمختبر المياه بمعهد ماساتشوسيت للتكنولوجيا، ما بين 1981 و1983، وتولى أيضا مديرا للتخطيط والدراسات ثم مديرا للطرق بوزارة التجهيز والنقل، فكاتبا عاما للوزارة الأولى.ويعتبرشكيب بنموسى عضوا في كل من مكتب الاتحاد العام لمقاولات المغرب، واللجنة الوزارية الخاصة بالتربية والتكوين، ولجنة الدعم الدائم لمؤسسة محمد الخامس.
تولى بنموسى أيضا منصب رئيس المنطقة الحرة بطنجة، وترأس الشركة الوطنية للحديد والصلب “صوناصيد”، ليعود إلى القطاع العام بتعيينه كاتبا عاما بوزارة الداخلية، ليتولى تدبير الوزارة ذاتها في عهد حكومة جطو، بعدما حظي بالثقة المكلية بتعيينه وزيرا للداخلية ما بين سنة 2006 وسنة 2010.
كما سبق له أن ترأس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في 2011، قبل أن يتم تعيينه سفيرا للمغرب بالجمهورية الفرنسية وإمارة أندورا وإمارة موناك. وفي سنة 2019 كلفه الملك برئاسة اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي التي أصدرت نتائج أشغالها في أبريل 2021.
“السبت الأسود”
أبرز القرارات التي أثارت جدلا وجرّت انتقادات لاذعة على بنموسى، طريقة تدبيره للاحتجاجات الاجتماعية التي عرفتها مدينة سيدي إفني في عهد حكومة إدريس جطو، وهو ما تسبب في حدث مأساوي عرف إعلاميا بـ”السبت الأسود”.
وعرفت مدينة سيدي إفني حركة احتجاجية انطلقت عام 2005 وامتدت لثلاث سنوات، بدأت بوقفات ومسيرات سلمية في بعض الأحياء، حيث طالب العديد من السكان برفع التهميش عن المدينة وإيجاد فرص عمل لشبابها العاطلين.
في 7 يوليوز من سنة 2008 تصاعدت الاحتجاجات وأغلق مئات المتظاهرين مدخل الميناء مانعين الشاحنات المحملة بالأسماك من الخروج، فقررت قوات الأمن، في عهد وزير الداخلية شكيب بنموسى، تفريقهم بالقوة لتتطور الأحداث إلى مواجهات أفضت إلى عشرات الإصابات واعتقالات وملاحقات قضائية.
“مس بالسيادة“
وفي سنة 2020، عندما كان بنموسى رئيسا للجنة النموذج التنموي، زعمت سفيرة فرنسا بالرباط أنه قدم لها “تقريرا مرحليا” عن عمل لجنته خلال محادثات جرت بينهما، وهو ما اعتبره مراقبون وحقوقيون حينها “فضيحة ومسا فادحا بالسيادة الوطنية” و”تكريسا لتبعية المغرب لفرنسا”.
وكتبت السفيرة على “تويتر”: “أشكر شكيب بنموسي رئيس اللجنة الخاصة للنموذج التنموي وسفارة المغرب بفرنسا على تقديمه لي هذا الصباح تقريرا مرحليا عن اللجنة”، قائلة إن اللقاء حضره مدير وكالة التنمية الفرنسية، وعلقت قائلة: “آفاق جيدة جدا للاتفاق الاقتصادي الجديد”.
وحاولت لجنة النموذج التنموي، حينها، وقف سيل الانتقادات بتقديم توضيح، لكنها لم تفلح، حيث قالت إن بنموسى أجرى محادثة مع لوغال بطلب منها، على غرار لقاءات سابقة مع سفراء لبلدان صديقة وممثلين لمؤسسات دولية.
تسقيف واحتقان
متسلحا بتقنوقراطيته التي أدار بها وزارة الداخلية في حكومة عباس الفاسي، تولى شكيب بنموسى حقيبة التعليم، مبشرا بخارطة طريق لتجاوز أعطاب المنظومة، قبل أن يصطدم بجدار التنسيقيات بل وحتى النقابات التي أدارت له ظهرها بعد إصراره على إخراج “النظام المشؤوم”على حد وصف أسرة التعليم.
وخلال توليه لمنصب وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، أثارت قرارات مختلفة لبنموسى انتقادات واسعة، وجرت عليه غضب النقابات، لكن قرارين اثنين قوبلا بالرفض كانا بارزين خلال تدبيره لملف التعليم، ويتعلق الأمر بجدل “النظام الأساسي” للأساتذة وتسقيف سن التوظيف في التعليم في 30 سنة.وإذا كان الإجماع غائبا عن هذا القطاع منذ سنوات، فقد حقق بنموسى لأول مرة الإجماع على رفض النظام الأساسي، رغم الأمل الذي علقه عليه كثيرون.
وأظهرت المقاربة التقنوقراطية التي جرى اعتمادها لحل عدد من القضايا الشائكة في قطاع التربية الوطنية، فشل وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة شكيب بنموسى في نزع فتيل الاحتقان بقطاع التعليم، ولأن العبرة بالنتائج، فقد جاز الحكم بفشل شكيب بنموسى، في مهامه، بعدما نجح بإخراج جميع نقابات وتنسيقيات قطاع التعليم إلى الشارع، وأعاد لغة الإضراب والتصعيد بعدما انقشع غمام المفاوضات واتضح عدم جدواها.
جزء كبير من الأزمة التي دخلها قطاع التعليم، خاصة مع تنزيل النظام الأساسي الجديد لموظفي الوزارة، وما أعقبها من إضرابات واحتجاجات متواصلة، رأى متابعون أنه ناتج عن الرؤية التقنوقراطية للوزير بنموسى والمحيطين به، خاصة أن التعليم قطاع اجتماعي مركب ومعقد، ويتطلب استحضار مجموعة من الأبعاد في معالجة مشاكله، خاصة تلك المتعلقة بالموارد البشرية.
وعرف الموسم الدراسي الماضي تعثرا كبيرا كاد يتسبب في سنة بيضاء، وذلك بإضراب أغلب الأساتذة ومقاطعتهم للحصص الدراسية، رفضا لمضامين النظام الأساسي الجديد الذي أصر بنموسى، ومعه الحكومة، على تنزيله على الرغم من الرفض الذي وُجه به، قبل أن يتم استدراك الأمر ومراجعته بناء على ملاحظات النقابات.
وفي عام 2021 أقدم بنموسى على تسقيف الولوج إلى مهن التدريس في 30 سنة، حيث أضاف شرطا يتمثل في عدم تجاوز المرشح لمهن التدريس عمر 30 سنة، وهو القرار الذي واجه عدة انتقادات واعتبره كثيرون مخالفا لمقتضيات النظام الأساسي للوظيفة العمومية.
كان هذا موضوع حول “بنموسى.. “أخطاء قاتلة” تعكر مسيرة المندوب الجديد للتخطيط – العمق المغربي”
عن موقع العمق
التعليقات