التخطي إلى المحتوى



هذا الموضوع تحت عنوان الاقتصاد المترابط 4.0 : نحو نموذج اقتصادي ذكي ومستدام ومتكامل:

(انقر هنا لاغلاق الاعلان) Close ×

في ظل التحولات الاقتصادية المتسارعة التي يشهدها العالم، أصبح من الضروري تبني نموذج اقتصادي متكامل بدل النموذج الاقتصادي الخطي، نموذج جديد يجمع بين الرقمنة، الاستدامة، والتضامن الاجتماعي لضمان وتحقيق تنمية مستدامة وشاملة. وفي هذا الصدد يظهر هنا مفهوم “الاقتصاد المترابط 4.0” كإطار حديث يدمج بين الاقتصاد الدائري، والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، والاقتصاد الرقمي، مدعومًا بتقنيات الثورة الصناعية الرابعة، مثل الذكاء الاصطناعي، البلوكتشين، وإنترنت الأشياء.

يُمكن تعريف الاقتصاد المترابط 4.0 على أنه نموذج اقتصادي متكامل وشامل يعتمد على تكامل ثلاثي يجمع بين : الاقتصاد الدائري والاقتصاد الرقمي والاقتصاد الاجتماعي والتضامني.
فالاقتصاد الدائري، سيساهم في تقليل الهدر، وإعادة التدوير، وتحقيق الاستدامة البيئية. أما الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فدعم التعاونيات والمشاريع الاجتماعية سيساهم بشكل كبير في تحقيق توزيع أكثر عدالة للثروات. وأخيرا الاقتصاد الرقمي، فاستخدام التكنولوجيا الحديثة، سيساهم في تعزيز كفاءة الإنتاج، وتسهيل المعاملات، وخلق فرص تشغيل جديدة.

فمن خلال المؤشرات الاقتصادية الداعمة لهذا النموذج، فعلى مستوى الاقتصاد الدائري عالميًا، يقدر البنك الدولي أن النفايات العالمية ستصل إلى 3.4 مليار طن بحلول 2050، مما يستدعي تطبيق حلول الاقتصاد الدائري. بالمقابل يرى الاتحاد الأوروبي أن الاقتصاد الدائري سيوفر حوالي 600 مليار يورو سنويًا عبر تبني سياسات في هذا المجال. كما يمكن للاقتصاد الدائري تقليل 45% من انبعاثات الغازات الدفيئة بحلول 2050 حسب : (منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية OECD).

أما على مستوى الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، ففي المغرب، يساهم الاقتصاد الاجتماعي بحوالي 2% من الناتج المحلي الإجمالي، مع إمكانات نمو كبيرة. كما أن هذا الأخير في الاتحاد الأوروبي، يشغل حوالي 6.3% من السكان النشطين في الاقتصاد الاجتماعي ( أي ما يعادل 13.6 مليون وظيفة).

وبالتالي فالتعاونيات توفر أكثر من 280 مليون وظيفة عالمياً (منظمة العمل الدولية ILO).

وأخيرا الاقتصاد الرقمي، فمن المتوقع أن يساهم الاقتصاد الرقمي بـ 25% من الناتج المحلي العالمي بحلول 2025 (منتدى الاقتصاد العالمي). وفي المغرب، نمت التجارة الإلكترونية بنسبة 46% خلال 2023، ما يعكس توجهًا نحو الرقمنة. بالإضافة إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يضيف 15.7 تريليون دولار إلى الاقتصاد العالمي بحلول 2030 حسب (PwC).

إن العلاقة بين الركائز الثلاث في الاقتصاد المترابط 4.0، ليست علاقة اعتباطية أو عشوائية، بل علاقة تكاملية وشمولية تجمع بين الرقمنة والاستدامة والتضامن، ولتوضيح هاته العلاقة :

١. العلاقة بين الاقتصاد الدائري والاقتصاد الرقمي، فاستخدام الذكاء الاصطناعي في إدارة النفايات سيساهم في تحديد المواد القابلة لإعادة التدوير، كما سيساهم نشر البلوكتشين في تتبع دورة حياة المنتجات وتعزيز الشفافية في سلاسل الإمداد.

٢. العلاقة بين الاقتصاد الرقمي والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فرقمنة المعاملات المالية في التعاونيات، سيساهم في تعزيز وتطوير التمويل الجماعي الرقمي (Crowdfunding)، كما أن تطوير منصات عمل تعاونية مثل “Upwork” و”TaskRabbit” سيدعم الاقتصاد التشاركي.

٣. وأخيرا العلاقة بين الاقتصاد الدائري والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فإعادة التدوير تعتبر فرصة تشغيلية عبر إشراك الفئات الهشة في جمع ومعالجة النفايات، كما أن دعم التعاونيات البيئية سيساهم في تقديم حلول مبتكرة في الطاقات المتجددة وإعادة التدوير.

إن الفرص الاقتصادية التي سيخلقها الاقتصاد المترابط 4.0، عديدة وتشمل قطاعات متعددة منها :

١. على مستوى قطاع الصناعة والابتكار، يساهم الاقتصاد المترابط 4.0، في تطوير مصانع صفرية النفايات، بحيث تعتمد هذه الأخيرة على إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي. كما سيساهم هذا النموذج الاقتصادي الجديد في تعزيز الصناعة 4.0 في المغرب عبر رقمنة سلاسل الإنتاج.

٢. على مستوى قطاع التمويل والاقتصاد الاجتماعي والتضامني
سيلعب الاقتصاد المترابط 4.0، في إطلاق نوع جديد من البنوك مثلا، بنوك اجتماعية رقمية، حيث ستعمل هذه الأخيرة على تدعيم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتعزز من تنافسيتها، وترفع من قيمتها السوقية ورقم معاملاتها، مما سيجعلها قادرة على خلق الثروة وأيضا خلق اليد العاملة.
كما سيلعب النموذج الاقتصادي الجديد في نشر تقنيات التكنولوجيا المالية (Fintech) لتسهيل الوصول إلى التمويل التضامني.

٣. على مستوى قطاع الطاقات المتجددة، سيساهم الاقتصاد الدائري في إمكانية الرفع من كفاءة تدوير الألواح الشمسية والبطاريات، من خلال تطوير محطات طاقة مجتمعية تعتمد على التمويل الجماعي.

إن استراتيجيات التطبيق في المغرب، للنموذج الجديد للاقتصاد، يمكن أن يشكل دفعة قوية للاقتصاد المغربي ويخلق نموذج اقتصادي فريد ومبتكر من نوعه على المستوى العالمي من خلال الاقتصاد المترابط 4.0، ويحفز الاستثمارات ويحسن من مناخ الأعمال وطنيا وترابيا، وبالتالي فنجاح تطبيق هذا المشروع الهيكلي يقتضي العمل على :

١. تعزيز وتقوية السياسات الاقتصادية والتشريعية، من خلال تحفيز الاستثمار في الابتكار البيئي عبر الإعفاءات الضريبية.
ودعم الشركات الناشئة في الاقتصاد الدائري والتضامني عبر صناديق تمويل مخصصة.

٢. العمل على تطوير وتقوية البنية التحتية الرقمية، من خلال توسيع الشبكة الوطنية للبيانات الضخمة لدعم التحول الرقمي.
وتعزيز برامج الذكاء الاصطناعي في الخدمات العمومية لدعم الاقتصاد التضامني.

٣. العمل على تحفيز البحث العلمي والزيادة في ميزانية البحث والتطوير، من خلال العمل على إنشاء مراكز أبحاث للذكاء الاصطناعي في الاقتصاد الدائري، وتحفيز الشراكات بين الجامعات والمقاولات الناشئة لتطوير حلول مستدامة.

وبالتالي فالاقتصاد المترابط 4.0 يمكن أن يمثل نموذجًا متطورًا يجمع بين الابتكار الرقمي، العدالة الاجتماعية، والاستدامة البيئية، مما يجعله الحل الأمثل لمواجهة التحديات الاقتصادية العالمية. فمن خلاله يمكن تبني سياسات واستراتيجيات داعمة، من خلال تحقيق نمو اقتصادي متوازن ومستدام، وتقليل الفجوة الرقمية والبيئية، وتحقيق تنمية شاملة قائمة على الذكاء والاستدامة.

كان هذا موضوع حول “الاقتصاد المترابط 4.0 : نحو نموذج اقتصادي ذكي ومستدام ومتكامل”



عن موقع العمق

(انقر هنا لاغلاق الاعلان) Close ×
في ظل التحولات الاقتصادية المتسارعة التي يشهدها العالم، أصبح من الضروري تبني نموذج اقتصادي متكامل بدل النموذج الاقتصادي الخطي، نموذج جديد يجمع بين الرقمنة، الاستدامة، والتضامن الاجتماعي لضمان وتحقيق تنمية مستدامة وشاملة. وفي هذا الصدد يظهر هنا مفهوم “الاقتصاد المترابط 4.0” كإطار حديث يدمج بين الاقتصاد الدائري، والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، والاقتصاد الرقمي، مدعومًا بتقنيات الثورة الصناعية الرابعة، مثل الذكاء الاصطناعي، البلوكتشين، وإنترنت الأشياء. يُمكن تعريف الاقتصاد المترابط 4.0 على أنه نموذج اقتصادي متكامل وشامل يعتمد على تكامل ثلاثي يجمع بين : الاقتصاد الدائري والاقتصاد الرقمي والاقتصاد الاجتماعي والتضامني.فالاقتصاد الدائري، سيساهم في تقليل الهدر، وإعادة التدوير، وتحقيق الاستدامة البيئية. أما الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فدعم التعاونيات والمشاريع الاجتماعية سيساهم بشكل كبير في تحقيق توزيع أكثر عدالة للثروات. وأخيرا الاقتصاد الرقمي، فاستخدام التكنولوجيا الحديثة، سيساهم في تعزيز كفاءة الإنتاج، وتسهيل المعاملات، وخلق فرص تشغيل جديدة. فمن خلال المؤشرات الاقتصادية الداعمة لهذا النموذج، فعلى مستوى الاقتصاد الدائري عالميًا، يقدر البنك الدولي أن النفايات العالمية ستصل إلى 3.4 مليار طن بحلول 2050، مما يستدعي تطبيق حلول الاقتصاد الدائري. بالمقابل يرى الاتحاد الأوروبي أن الاقتصاد الدائري سيوفر حوالي 600 مليار يورو سنويًا عبر تبني سياسات في هذا المجال. كما يمكن للاقتصاد الدائري تقليل 45% من انبعاثات الغازات الدفيئة بحلول 2050 حسب : (منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية OECD). أما على مستوى الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، ففي المغرب، يساهم الاقتصاد الاجتماعي بحوالي 2% من الناتج المحلي الإجمالي، مع إمكانات نمو كبيرة. كما أن هذا الأخير في الاتحاد الأوروبي، يشغل حوالي 6.3% من السكان النشطين في الاقتصاد الاجتماعي ( أي ما يعادل 13.6 مليون وظيفة). وبالتالي فالتعاونيات توفر أكثر من 280 مليون وظيفة عالمياً (منظمة العمل الدولية ILO). وأخيرا الاقتصاد الرقمي، فمن المتوقع أن يساهم الاقتصاد الرقمي بـ 25% من الناتج المحلي العالمي بحلول 2025 (منتدى الاقتصاد العالمي). وفي المغرب، نمت التجارة الإلكترونية بنسبة 46% خلال 2023، ما يعكس توجهًا نحو الرقمنة. بالإضافة إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يضيف 15.7 تريليون دولار إلى الاقتصاد العالمي بحلول 2030 حسب (PwC). إن العلاقة بين الركائز الثلاث في الاقتصاد المترابط 4.0، ليست علاقة اعتباطية أو عشوائية، بل علاقة تكاملية وشمولية تجمع بين الرقمنة والاستدامة والتضامن، ولتوضيح هاته العلاقة : ١. العلاقة بين الاقتصاد الدائري والاقتصاد الرقمي، فاستخدام الذكاء الاصطناعي في إدارة النفايات سيساهم في تحديد المواد القابلة لإعادة التدوير، كما سيساهم نشر البلوكتشين في تتبع دورة حياة المنتجات وتعزيز الشفافية في سلاسل الإمداد. ٢. العلاقة بين الاقتصاد الرقمي والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فرقمنة المعاملات المالية في التعاونيات، سيساهم في تعزيز وتطوير التمويل الجماعي الرقمي (Crowdfunding)، كما أن تطوير منصات عمل تعاونية مثل “Upwork” و”TaskRabbit” سيدعم الاقتصاد التشاركي. ٣. وأخيرا العلاقة بين الاقتصاد الدائري والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فإعادة التدوير تعتبر فرصة تشغيلية عبر إشراك الفئات الهشة في جمع ومعالجة النفايات، كما أن دعم التعاونيات البيئية سيساهم في تقديم حلول مبتكرة في الطاقات المتجددة وإعادة التدوير. إن الفرص الاقتصادية التي سيخلقها الاقتصاد المترابط 4.0، عديدة وتشمل قطاعات متعددة منها : ١. على مستوى قطاع الصناعة والابتكار، يساهم الاقتصاد المترابط 4.0، في تطوير مصانع صفرية النفايات، بحيث تعتمد هذه الأخيرة على إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي. كما سيساهم هذا النموذج الاقتصادي الجديد في تعزيز الصناعة 4.0 في المغرب عبر رقمنة سلاسل الإنتاج. ٢. على مستوى قطاع التمويل والاقتصاد الاجتماعي والتضامنيسيلعب الاقتصاد المترابط 4.0، في إطلاق نوع جديد من البنوك مثلا، بنوك اجتماعية رقمية، حيث ستعمل هذه الأخيرة على تدعيم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتعزز من تنافسيتها، وترفع من قيمتها السوقية ورقم معاملاتها، مما سيجعلها قادرة على خلق الثروة وأيضا خلق اليد العاملة.كما سيلعب النموذج الاقتصادي الجديد في نشر تقنيات التكنولوجيا المالية (Fintech) لتسهيل الوصول إلى التمويل التضامني. ٣. على مستوى قطاع الطاقات المتجددة، سيساهم الاقتصاد الدائري في إمكانية الرفع من كفاءة تدوير الألواح الشمسية والبطاريات، من خلال تطوير محطات طاقة مجتمعية تعتمد على التمويل الجماعي. إن استراتيجيات التطبيق في المغرب، للنموذج الجديد للاقتصاد، يمكن أن يشكل دفعة قوية للاقتصاد المغربي ويخلق نموذج اقتصادي فريد ومبتكر من نوعه على المستوى العالمي من خلال الاقتصاد المترابط 4.0، ويحفز الاستثمارات ويحسن من مناخ الأعمال وطنيا وترابيا، وبالتالي فنجاح تطبيق هذا المشروع الهيكلي يقتضي العمل على : ١. تعزيز وتقوية السياسات الاقتصادية والتشريعية، من خلال تحفيز الاستثمار في الابتكار البيئي عبر الإعفاءات الضريبية.ودعم الشركات الناشئة في الاقتصاد الدائري والتضامني عبر صناديق تمويل مخصصة. ٢. العمل على تطوير وتقوية البنية التحتية الرقمية، من خلال توسيع الشبكة الوطنية للبيانات الضخمة لدعم التحول الرقمي.وتعزيز برامج الذكاء الاصطناعي في الخدمات العمومية لدعم الاقتصاد التضامني. ٣. العمل على تحفيز البحث العلمي والزيادة في ميزانية البحث والتطوير، من خلال العمل على إنشاء مراكز أبحاث للذكاء الاصطناعي في الاقتصاد الدائري، وتحفيز الشراكات بين الجامعات والمقاولات الناشئة لتطوير حلول مستدامة. وبالتالي فالاقتصاد المترابط 4.0 يمكن أن يمثل نموذجًا متطورًا يجمع بين الابتكار الرقمي، العدالة الاجتماعية، والاستدامة البيئية، مما يجعله الحل الأمثل لمواجهة التحديات الاقتصادية العالمية. فمن خلاله يمكن تبني سياسات واستراتيجيات داعمة، من خلال تحقيق نمو اقتصادي متوازن ومستدام، وتقليل الفجوة الرقمية والبيئية، وتحقيق تنمية شاملة قائمة على الذكاء والاستدامة.
", "datePublished": "2025-03-04 14:20:00", "dateModified": "2025-03-04 14:20:00", "author": { "@type": "Person", "name": "bestcours" }, "publisher": { "@type": "Organization", "name": "tv.bestcours", "logo": { "@type": "ImageObject", "url": "https://tv.bestcours.net/wp-content/uploads/2022/09/logo-tv-bestcours.png" } }, "mainEntityOfPage": { "@type": "WebPage", "@id": "https://tv.bestcours.net/category/%d8%a7%d9%84%d9%88%d8%b8%d9%8a%d9%81%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%85%d9%88%d9%85%d9%8a%d8%a9/" }, "description": "[short_description]", "keywords": "" }

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *