إصلاح التعليم بالمغرب.. استراتيجيات جديدة دون الاستفادة من دروس الماضي
ظل التعليم في المغرب أحد أبرز الملفات التي أثارت نقاشًا مستمرًا منذ الاستقلال، وقد شهد منذ ذلك الحين برامج وخططًا إصلاحية متعددة وضخمة، غير أن الإصلاحات التي شهدها على مدار العقود، يرى مراقبون أنها لم تكن في الموعد مع الجوانب المتعلقة بحكامة القطاع أساسًا، وهو ما أفضى إلى تخبط مختلف الإصلاحات في تحقيق أهدافها.
وقد سجل المجلس الأعلى للتربية والتكوين أيضًا أن تنزيل الإصلاح المنشود لقطاع التعليم عرف خلال العقدين الأخيرين مراكمة التأخير في الانطلاق أو “الإعمال”، بالرغم من الجهود الكبيرة التي تم بذلها، وهذا التأخر حمل في حد ذاته أخطارًا على دور منظومة التربية والتكوين في الارتقاء بالأفراد والتنمية المجتمعية.
من جانبه، أكد العربي الجعايدي، عضو اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، في دراسة اطلعت عليها “أخبارنا”، أن الإصلاحات المتعاقبة في منظومة التربية والتعليم بالمغرب لم تحقق النتائج المرجوة، رغم الاستثمارات المالية الكبيرة المرصودة لها، موضحًا أن السبب الرئيسي لهذا التعثر يعود إلى ضعف الحوكمة، والتي تظهر على مستوى غياب رؤية واضحة ومتكاملة بين مختلف المتدخلين في قطاع التعليم، مثل الوزارة الوصية، الأكاديميات الجهوية، المؤسسات التعليمية، والمجالس المنتخبة، مؤكدًا أن هذا التداخل يؤدي إلى تنازع الصلاحيات بين هذه الجهات، مما يخلق نوعًا من العشوائية في اتخاذ القرار ويؤخر تنفيذ المشاريع التعليمية، خاصة على المستوى الجهوي والمحلي، حيث لا تكون هناك صلاحيات واضحة للفاعلين في القطاع.
الدراسة التي تحمل عنوان “إصلاح النظام التعليمي يواجه معضلة الحوكمة” لمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، أوضحت أيضًا أن ضعف الحوكمة يظهر جليًا في غياب آليات فعالة للمتابعة والتقييم، حيث إن المغرب أطلق برامج إصلاحية عديدة منذ عام 2000، لكنها لا تتضمن أدوات قياس دقيقة لتقييم مدى نجاحها أو فشلها، ونتيجة لذلك، يتم إطلاق استراتيجيات جديدة دون الاستفادة من دروس الماضي، مما يؤدي إلى تكرار الأخطاء نفسها.
بالإضافة إلى ذلك، يرى المصدر ذاته أن من مظاهر ضعف الحوكمة، وجود تفاوتات بين الجهات في جودة التعليم والخدمات المقدمة للتلاميذ، حيث أشار إلى أن المدارس في بعض المناطق تعاني من نقص في البنية التحتية، نقص المعلمين، وضعف التأطير، وهو ما يجعل الفجوة بين التعليم في المدن الكبرى والمناطق القروية تتسع.
وخلصت الورقة إلى أن النظام التعليمي المغربي، الذي يستقبل أكثر من تسعة ملايين تلميذ وطالب سنويًا، يحتاج إلى “إصلاح جذري” يعتمد على مقاربة شاملة تجمع بين زيادة الإنفاق، تحسين الحوكمة، وتعزيز المشاركة المجتمعية، مشددة على أن تحسين الحوكمة في قطاع التعليم يتطلب إعادة هيكلة عميقة لنظام التدبير، بحيث يتم توزيع الصلاحيات بشكل أوضح بين الفاعلين، إلى جانب تعزيز آليات الرقابة والتقييم.
هذا، وتواصل الحكومة سعيها لتنزيل إصلاح منظومة التعليم، عبر تنفيذ المخططات القطاعية، ومتابعة مسار تنزيل النصوص التشريعية والتنظيمية المرتبطة بالقانون الإطار 51.17، حيث شدد رئيس الحكومة في آخر اجتماع للجنة الوطنية لتتبع ومواكبة إصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، على ضرورة تعزيز التنسيق بين القطاعات الحكومية والهيئات الشريكة، لضمان تكامل السياسات والبرامج القطاعية، بهدف تحقيق تعليم ذي جودة يتيح تكافؤ الفرص بين كافة المواطنين.
كان هذا المقال عنإصلاح التعليم بالمغرب.. استراتيجيات جديدة دون الاستفادة من دروس الماضي
عن موقع اخبارنا المغربية
التعليقات